العظماء .. ماذا قالوا في آخر عهدهم بالدنيا
هناك أناساً كانوا أكثر حظا من الحياة .. منذ أعطاهم الموت آخر فرصة ليقولوا كلمة واحدة .. فكانت كلمتهم مريرة .. فقد أحسوا أنهم خدعوا وفوجئوا بأنهم انتهوا .. وانكشفوا فقد توهموا أنهم لن يموتوا .. وانكشف الموت الذي خدعهم بما في الحياة من جمال ودلال حتى أنساهم أن للحياة نهاية.
هذا جزء من مقدمة كتاب "على رقاب العباد" للكاتب المصري أنيس منصور، والذي عرض من خلاله غروب شمس 191 شخصية من مشاهير العالم ورحيلهم عن عالم الدنيا، والذين جاءهم الموت فقالوا شيئا. كأنما أرادوا أن يضيفوا إلى أعمارهم لحظة . كأنهم أرادوا أن يخطفوا من الموت لحظة خلود.
القديس أبيلار (1079- 1142)
كان راهباً فرنسياً يعلم الناس أصول دينهم. وكانت هلويزه إحدى تلميذاته أحبها وأحبته ولم يكن مسموح للرهبان الكاثوليك الزواج فهرب معها وحملت منه.
وعلم أبوها بذلك فأرسل مجموعة من الشباب فعذبوه ببشاعة حتى نزف بشده. وأقنع هلويزه بأن تعود مرة أخرى للإقامة بالدير واختفى.
وبعد أن تمكن منه المرض في ليلة 21 أبريل سنة 1142 نهض من فراشه رافعاً يده إلى السماء وقال :"لا شيء يا رب. لا أطلب إلا أن ألقاك وألقاها .. هل ...." ولم يكمل كلمة هلويزه وسقط على الأرض ميتاً.
أديسون (1847- 1931)
[img]
[/img]
العالم الأمريكي مخترع الضوء الكهربائي والتصوير الفوتوغرافي. أصيب بالصمم في الثانية عشر من عمره، حيث قال أنه كان يبيع الجرائد وفي إحدى المحطات وفي إحدى المرات حاول اللحاق بالقطار فأمسكه سائق القطار من إحدى أذنيه بشده فأحس بأن شيئا قد انفجر في أذنه.
وفي عام 1929 وقتما احتفلت مؤسسة فورد بمرور 50 عاما على اختراع نور الكهرباء تعثر أديسون وسقط على الأرض ومنذ ذلك اليوم وصحته تدهورت، وفي عام 1931 بدأ عقله يضعف وراح يحلل عينات من دمه ويصف لنفسه الدواء.
وفي يوم 17 أكتوبر قال أديسون أخر كلماته :"ما أروع كل شيء هناك" أما المقصود من هذه الكلمات ظل غامضا، هل يقصد المناظر الجميلة الموجودة خارج النافذة أم عالم الموتى.
الاسكندر الأكبر (365ق.م -323 ق.م)
توفى هذا الشاب بعد أن اتسعت إمبراطوريته لتشمل العالم القديم كله، حيث امتدت من الهند شرقا إلى نهر النيل غربا.
أصابته الحمى وهو في حدائق بابل المعلقة 18 مايو 323 ق.م، وذلك بعد سهرة طويلة ووليمة ضخمة، إلا أنه لم يكف عن نشاطاته اليومية، وذلك لمدة سبعة أيام وفي اليوم الثامن عجز عن الكلام وفي التاسع أصابته الغيبوبة.
ولم يعرف أحد أسباب الوفاة ولم يقل أحد أنه مات مسموماً إلا بعد وفاته بـ 6 سنوات.
وفي عام 1970 ظهرت دراسة تقول أنه مات بالحمى واختلف العلماء حول إذ كانت الحمى بسبب التيفود أو الملاريا.
قبل وفاته بساعات التف حوله قواده يبكون وكلما حرك شفتيه توقفوا عن البكاء والعويل وسمعوا منه هذه الكلمات :"ولم أعش حتى أغزو السماء".
الكوت (1832 -1888)
هي الأديبة الأمريكية الشهيرة لويزه ماي الكوت مؤلفة "نساء صغيرات" كانت تشكو طيلة حياتها من الدوخة والصداع النصفي ولم تجد لهما علاجاً.
وفي إحدى ليالي 1888 خرجت من بيتها مسرعة ونسيت أن تضع الفراء حول كتفها فأصيبت ببرد شديد ورعشة عنيفة ونقلت إلى منزلها واختلف الأطباء حول ما أصابها هل هو أزمة قلبية أو جلطة أو ضعف عام وظلوا يتناقشوا حتى سقطت بينهم وكانت أخر كلماتها: "لا أظن أنني فهمت الرجل !".
أرشميدس (287ق.م – 212 ق.م)
[img]
[/img]
هو العالم الرياضي الذي اخترع "الطنبور" المستخدم في ريف مصر قديما. قتل في السبعينات من عمره عند حصار سيراقوسه بجزيرة صقلية، على الرغم من مطالبة إعفاء هذا العالم الكبير من هذه النهاية.
ويقال إنه كان مشغولا بحل إحدى المسائل الرياضية وقت غزو بلاده وكان يرسمها بإصبعه على الرمل. ولما جاءه أحد الضباط وأمره بالوقوف للجنرال مارسيلوس. لم ينتبه فأجبره على الوقوف بعد أن رفض أرشميدس حتى يفرغ من كل المسألة ليسقط على الرمل وقد نفذ السيف إلى أحشائه.
ويُقال أيضا أن أناس وجدوه يخفي بعض القطع المعدنية في ملابسه فظنوا أنه ذهباً فقتلوه، بالرغم من أنه كان يخفي بعض المعادن التي كان يجري عليها تجاربه الهندسية وأخذ يصرخ وهو يتألم قائلا :"جهلة .. القوة الغاشمة .. أقوياء وجهلة".
أنطونيو (83 ق.م – 30 ق.م)
القائد الروماني مارك أنطونيو . تزوج كليوباترا سنة 37 ق.م، واحتفظ بزوجته الرابعة في روما في نفس الوقت. وعاش الاثنان في تخوف مستمر من القائد أكتافيو، الذي هزمهما.
لم يتحمل أنطونيو هزيمته وبلغ به اليأس مداه وطلب من خدامه فرفض، بل وقتل الخادم نفسه . فضحك أنطونيو لذلك وأصر على قتل نفسه وخاصة بعد أن سمع بأن كليوباترا انتحرت.
فأمسك السيف وأغمده في أحشائه ولكن الطعنة لم قاتلة. فأغمى عليه وعندما أفاق طلب من رجاله أن يجهزوا عليه فتركوه وهربوا. ولما علمت كليوباترا بما حدث له أرسلت رجالها لإحضاره وحملوه إليها مضرجاً في دمائه يتلوى من الألم.
فانحنت عليه ولفت ذراعيها حوله وكانت أخر كلماته إليها أن تعقد صلحاً مع أكتافيو حتى لا يقتلها وتفقد عرشها. وأن تنسى تعاسة اليوم وأن تذكر الليالي السعيدة التي أمضياها سوياً.
ولما وجدته يتكلم بصعوبة سدت فمه بيدها، التي لم يتوقف عن تقبيلها وهو يقول :"لقد كنت معك سعيد دائما".
أيزنهاور (1890- 1955)
إنه الجنرال دويت أيزنهاور رئيس أمريكا رقم 34، خلال الفترة 1953- 1960، ولم تكن صحته جيدة طوال فترة رئاسته.
في يوم 21 أبريل 1968 شكا ايزنهاور من انسداد في الشريان التاجي، وكانت هذه هي المرة الثالثة، التي يشكو فيها من نفس المرض.
بعد ذلك توالت الأزمات القلبية وأزداد ضعفا بسبب العمليات الجراحية الكثيرة التي أجريت له ومات يوم 28 مارس 1969. وكانت له عبارة يضحك لها كثيراً :"طبيعي أن ينهزم أي إنسان في معركة الميكروبات إنها غير متكافئة. ألوف الملايين معاً ضد واحد طريح الفراش".
بوذا (563 ق.م – 483 ق.م)
إنه الأمير سيد هارت، مؤسس الديانة البوذية، كان أبوه حاكماً لإحدى المدن في شمال الهند.
ترك الأمير زوجته وابنته وهو في الثلاثين من عمره لتكون له حياة هادئة متأملة.
نُقل بوذا إلى فراش المرض بعد وليمة ضخمة أعدها له أحد تلاميذه، ورغم ذلك واصل حياة التأمل في الناس والحياة والدنيا.
وعاش عند أطراف إحدى القرى يسأل الناس طعاماً وشراباً. وفي إحدى تمدد جلباب أحد تلاميذه وتطلع إلى الشجرة التي تظله ثم سكن وسكت ومات.
لم يذكر تلاميذه ما خرج من بين شفتيه قبل الوفاة سوى :"الطعام مرض والجوع صحة".
أينشتين (1879- 1955)
إنه عالم الفيزياء الألماني ألبرت أينشتين، الذي التحق بمعهد العلوم المتطورة بجامعة برنستون سنة 1933 وحصل على الجنسية الأمريكية، بعدها بسبع سنوات. وفي عام 1952 عرضت عليه إسرائيل أن يكون رئيسا ولكنه رفض.
اعتزل الحياة العامة في أواخر حياته وراح يعمل على استخراج نظرية شاملة للمجال المغناطيس الكهربي والقوى النووية. وعاملي "الزمان والمكان" وهما ما تعتمد عليهما نظرية النسبية.
في مارس 1955 كان أينشتين يكتب كلمة تحية لإسرائيل فأحس بالغثيان إثر التهاب شديد في المرارة.
وتدهورت صحته وأصابه ضعف شديد، ولم يكن يشكو من الألم أو يتوجع . إنما كان يضحك ويقول: "هذه هي وقع أقدام الموت".
وفي 18 مارس 1955 سمعته الممرضة يتحدث الألمانية، التي لا تعرفها فأخذت تبحث ع الطبيب لتعود فتجده ميتاً.
بولين (1507- 1536)
هي آن بولين زوجة هنري الثامن الثانية وأم الملكة إليزابيث الأولى. حُكمت بتهمة الزنا والعلاقات المتعددة مع أربعة رجال: موسيقار البلاط وأخيها ورجلين آخرين، وقد حكم الملك بالإعدام على الجميع.
وقد اندهش الرجل الذي أعدم الملكة من روح المرح، التي استولت عليها، والذي يُعتقد أنه خوفاً فعندما تأجل حكم الإعدام ثلاث ساعات. قالت: "خسارة لم يكن لذلك أي داع. فلو نُفذ حكم الإعدام لكنت الآن بغير ألم". وقالت :"لم يتعب أحمد من شنقي. فعنقي نحيف وعظامي لينة"
ويوم إعدامها صعدت الدرج إلى حيث منصة الإعدام واتجهت إلى الناس :"وقالت أدعو الله أن يحمي الملك وأن يطيل عمره حاكماً عليكم".
نهاية الجزء الأول......